الاهتمام بدراسات الجغرافية البشرية

الاهتمام بدراسات الجغرافية البشرية

الظواهر التي أوجدها الإنسان أو عدلها والتي كونت المظهر الأرضي الحضاري العام ، فتزايدت البحوث حول هذه الظواهر ، التي قدمها الجغرافيون في مؤتمراتهم العالمية ، ولم يقتصر الأمر على دراسة واقع الظواهر البشرية او مكوناتها او محاولة تفسير كل ذلك وإنما امتدت الى التنبؤ عن السلوك المكاني لهذه الظواهر ، والعمل على تخطيط هذه الظواهر مما اضفى على الجغرافية صفة تطبيقية . وقد أمتد هذا التقدم في الدراسات الجغرافية البشرية إلى استعمال خطوات المنهج العلمي واستعمال المقاييس في قياس خصائص الظواهر او علاقاتها المكانية بغيرها من الظواهر ، وقد ساعد على ذلك الحصول على البيانات من الإحصاءات الرسمية فظهرت أجهزة حكومية لهذا الغرض كالجهاز المركزي للإحصاء في العراق والمنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة التي تقدم إحصاءات عن الدول كمنظمة الغذاء والزراعة الدولية التي تقدم إحصاءات سنوية عن الإنتاج الزراعي واستعمالات الأرض الزراعية ، وغيرها من المنظمات التي تهتم بالصناعة والتعليم وغيرها ، فضلا على مهارات جمع البيانات التي قدمتها مراحل التعليم كالعمل الحقلي وأدواته كالاستبيان . وتقدم تقنيات جمع البيانات كالاستشعار عن بعد ، وتحليل هذه البيانات وعرضها باستعمال الخرائط كنظم المعلومات الجغرافية ، والتقدم في مجال تصنيف البيانات وتمثيلها على الخرائط ، إذ ظهرت انواع جديدة منها الخرائط الإحصائية . ومن يلاحظ الأقسام العلمية الجغرافية في الجامعات اليوم ، يجد ان موضوعات الجغرافية البشرية تزيد كثيرا في عددها على موضوعات الجغرافية الطبيعية .
إن تزايد الاهتمام بدراسة الظواهر البشرية والعمل على التحكم بها من خلال التنبؤ والتخطيط ، نتج عنه ظهور حقول جغرافية بشرية عديدة ، بعضها كان معروفاً كالجغرافية الاقتصادية ومعظمها كان جديداً ، مما يميز الجغرافية الجديدة . ولتعدد الحقول الجغرافية البشرية تعرض منها ما يأتي : 

  1. جغرافية السكان .
  2. جغرافية الاستيطات . 
  3. جغرافية المدن . 
  4. جغرافية الريف
  5. جغرافية الزراعة
  6. جغرافية الصناعة . 
  7. جغرافية النقل والمواصلات .
  8. الجغرافية السياسية
  9. جغرافية السياحة 
  10. الجغرافية الملبية . 
  11. جغرافية البيئة 
  12. جغرافية الخدمات .

 جغرافية السكان 

 ظهر هذا الحقل الجغرافي في النصف الثاني من القرن العشرين ، عندما تزايد الاهتمام بالدراسات السكانية ، وقد توج ذلك ظهور كتب تحمل اسم جغرافية السكان ، إذ اتسمت هذه الدراسات باعتماد المنهج الجغرافي الذي يؤكد على التباين المكاني للظاهرة موضوع الدراسة ، ومحاولة تفسير ذلك على ضوء علاقاتها المكانية بالظواهر الأخرى الطبيعية والبشرية ذات الصلة بها . وقد اتحد هذا الحقل الجغرافي موضوعات عدة دارت دراساته حولها ، منها مشكلة جمع بيانات السكان والتعامل معها ، ومشكلة ظاهرة السكان ظاهرة غير ثابتة وإنما تتصف بسرعة التغير من مكان لآخر ، خلال مدة زمنية قصيرة . ومشكلة تغير السكان بسبب الهجرة والنزوح ، ومشكلة تركيب السكان ، ومشكلة السكان في المدن إذ يظهر الاكتظاظ السكاني ، واختلاف معدلات الكثافة السكانية ومعدلات نمو السكان ، واختلاف الخصائص الحضارية للسكان ومستوياتهم الثقافية . والدراسات السكانية تتم ضمن حيز من الأرض ، وهذا الحيز تتراوح مساحته بين دونمات قليلة والمساحة الكلية لسطح الأرض . وقد استعمل الجغرافيون في دراساتهم الجغرافية السكان التقنيات الإحصائية التي لم تقف أهميتها عند حد الكشف عن التباين المكاني ، وإنما في الكشف عن العلاقات المكانية للسكان بالظواهر ذات الصلة بها ، وقوة هذه العلاقات واتجاهها ، والكشف عن حجم نمو السكان واتجاهه نحو الزيادة أو النقصان ، حيث استعملوا تقنيات كمية للتنبؤ عن هذه الاتجاهات وطبيعة هذه العلاقات ، كما استعملوا تقنيات رسم الخرائط والأشكال البيانية . فعرفوا أولا استعمال الخرائط المنقطة أو التي تظهر عليها دوائر بيانية تمثل حجم السكان . كما استعملوا خرائط خطوط القيم المتساوية .

جغرافية الاستيطان 

 تنصب دراسة الجغرافيين ، في حفل جغرافية الاستيطان ، على مراكز سكن الإنسان ، متناولة ما أقامه الإنسان في أثناء عملية إشغاله منطقة ما من وسائل صممت وجمعت لأغراض معينة ، وعليه فان هذه المنشآت تحمل في طياتها معاني وظيفية ، في حين تعكس أشكالها الأساليب المعمارية التي كانت شائعة وقت إنشائها والحضارة التي نبعت منها ، وبذلك فهي تدرس أصل المستوطنات ، أي البحث في التابع التاريخي لنشأتها . ١٢٦ وتدرس وظيفة المستوطنات ، أي دراسة العلاقات الوظيفية لها . وتتمثل التطبيقات العملية الجغرافية الاستيطان في مجال تخطيط استيطان جديد . وكيفية وضع أفضل تخطيط لتحديد مواقع الوحدات الزراعية ، والطرق التي تخدم منطقة معينة ، والخدمات الريفية ، بالشكل الذي تكون فيه أكثر فعالية . وبعد الاستيطان الريفي فرعاً من فروع جغرافية الاستيطان ، وفيه يربط تباين الاستيطان الريقي بنوعية الاستثمار الزراعي . 

جغرافية المدن 

 احتل حقل جغرافية المدن أهميته بين حقول الجغرافية بسرعة بعد منتصف القرن العشرين ، وكان للاهتمام الذي حظي به تخطيط المدن وإعادة رسم مناطقها وفقا لوظيفة كل منها ، إذ يظهر لبعضها وظيفة سكنية ، ولبعضها الآخر وظيفة تجارية ، دور كبير في ظهورها كحقل رئيس من حقول الجغرافية ، إذ أضفى عليه هذا صفة تطبيقية ، انعكست على تزايد الطلب على الجغرافيين المختصين في دراسة المدن من قبل دوائر التخطيط والبلديات . و مما دفع الجغرافي للاهتمام بهذا الحقل اكتظاظ المدن بالسكان وارتفاع الكثافة السكانية فيها ، وكونها مركزا يسيطر على توزيع البضائع على مناطق واسعة . وجغرافية المدن تدرس موقع المدن ونموها وأشكال الأبنية فيها وترتيب الشوارع والعلاقة بين الأبنية ووظائفها ، والخدمات التي تقدم لساكنيها ، كما تدرس المدن كظاهرة اقتصادية لا لانها تحتوي على نشاط اقتصادي حسب ، بل لما تقدمه من خدمات اقتصادية لمناطق خارجها تعرف بإقليمها ، كما تدرس المدن لما تتميز به من أحوال اجتماعية . أي ان جغرافية المدن تدرس وظائف المدن ، وعلاقاتها بالمناطق التابعة لها أي أقاليمها وزحف المدن على المناطق الزراعية المحيطة بها ، ومواقع المدن وتوزيعها وتباعدها عن بعضها ، والقاعدة الاقتصادية للمدينة ، وتركيبها الداخلي ومورفولوجيتها أي مظهرها 

جغرافية الريف 

لقد فرض الاتجاه التطبيقي على المعالجات الجغرافية ان تظهر موضوعاتها في عدد من الحقول لكل منها إطاره المحدد . ويسر لها ذلك التراكم المعرفي الذي قاد إليه استعمال الطرائق والوسائل العلمية ، وقد استمد حقل " جغرافية الريف " إطاره المحدد من هذا التطور بعد ان كان لا يخرج عن دراسات متفرقة ، وقد حصل هذا خلال النصف الثاني من القرن العشرين - وقد اقترنت الصفة التطبيقية له مع ظهوره ، فالريف بمظهره الأرضي العام انطوى على مشاكل تخطيطية ، إذ تعرضت ظواهره للتغيير الذي قد يكون عفوياً أو يكون مقصوداً . ومثال ذلك نضوب بعض مظاهره كالأيدي العاملة الزراعية لهجرتها إلى المدن ، والتربة التي تعرضت إلى الدمار في مناطق واسعة من الريف في العالم ، فضلاً على اختلال التوازن الجغرافي للنمو بين المناطق الريفية والحضرية . وهكذا يظهر أن اهتمام جغرافية الريف ينصب ، على دراسة المظهر الأرضي العام الطبيعي منه والبشري سواء منه طبيعة سطح الأرض ، أو نوعية الحياة النباتية التي تغطيه ، أو التراكيب التي يخلقها الإنسان عليه كالمزارع والقرى والطرق الريفية ، وهو في كل هذا يتناول بالدراسة التغير الاقتصادي والسكاني والاجتماعي واستثمار الأرض في الريف ، معتمداً التخطيط الريقي لتحقيق التوازن . وجغرافية الريف علاقة وثيقة بحقول الجغرافية الأخرى الطبيعية منها والبشرية لسعة امتداده على سطح الارض ، وامتداد النشاطات الاقتصادية كالزراعة والرعى امتداداً أفقياً يشغل مساحة واسعة من الأرض تجعل العلاقة المكانية واضحة بينه وبين حقول الجغرافية الأخرى كالمناخ وأشكال سطح الأرض وطرق المواصلات وغيرها . ۱۲۹ - جغرافية الزراعة : كانت الاهتمامات الجغرافية الزراعية معروفة في تاريخها ، إلا أن القرن التاسع عشر شهد ظهور نمادج التفسير استعمالات الأرض الزراعية . وقد دفعت شحة الانتاج الزراعي في بداية القرن العشرين وتزايد السكان في العالم إلى الاهتمام بالجغرافية الزراعية ، وقد شهد الربع الثاني من القرن العشري ظهور العديد من الدراسات الجغرافية الزراعية في المجلات العلمية الجغرافية ، وفي النصف الثاني من القرن العشرين بدا هذا الحفل الجغرافي يحتل أهمية واضحة بما أسهم فيه من أدب جعرافي . وفيما قدم من يحوث المؤتمرات الاتحادات الجغرافية - إن الجغرافية الزراعية اذ تدرس تركيب الزراعة على أساس من خصائصها الذاتية کا خصائص الاجتماعية والملكية الزراعية ، وخصائصه المتعلقة بالنظم الزراعية كنظم الاستثمار الزراعي . وخصائص الإنتاج كالإنتاجية ، والتوجه الزراعي نحو الزراعة الكثيفة أو الواسعة ، التجارية أو المعاشية فإنها تحاول تفسير تباين ذلك في ضوء خصائص الزراعة الخارجية كأحوال السطح والمناخ والمكسلة والنقل والتسويق . وبدأت تظهر الصفة السلفية الجغرافية الزراعية بارتباطها بالتخطيط الاستثمار الأرض بالزراعة وزيادة الإنتاج وإدخال زراعة محاصيل جديدة . ولم تقف الجغرافية الزراعية عند دراسة المحاصيل الفردية وإنما بدأت تدرس تركيب المحصول وتضم الزراعة وأنماطها والأقاليم الزراعية وهذه مفاهيم تركيبية مكانية الخصائص الزراعة مجتمعة يظهر كل . أماكن معينة - ومما سارع في تقدم حقل الجغرافية الزراعية علمية وتطبيقياً لحل مشکلات استعمالات الأرض الزراعية استعمالها للتقنيات الكمية والنماذج والنظريات واعتمادها التخطيط في عملها

جغرافية الصناعة 

على الرغم من ان الدراسات الجغرافية الصناعية كانت تتم ضمن موضوع أو مع ، هو الجغرافية الاقتصادية ، إلا ان تزايد الاهتمام بالصناعة ، وارتباط تقدم الدول بانتشارها فيها ، ولأهميتها في تلبية متطلبات أساسية لإعداد سكان العالم المتنامية ، لم تقف عند حد تصنيع المواد الغذائية ، وإنما أيضا تصنيع حاجات الناس من الملابس ووسائط النقل ومتطلبات السكن وغيرها ، الذ بدأ التصنيع بدخل مرافق الحياة المختلفة ، ومما دفع الجغرافيين إلى إيلائها اهتماماً كبيراً لتظهر في النصف الثاني من القرن العشرين في حفل خاص هو حقل جغرافية الصناعية . يهتم حفل جغرافية الصناعة بدراسة ألماط توزيع الصناعات الحالية العالمية منها والدولية و الإقليمية والحضرية ، وإن اهتمامها يتركز على التحولات الحالية والتخطيط لها . ان المنهج الجغرافي يستعمل الخريطة كأداة أساسية في التحليل ، إذ يمكن لمن يصنع الخريطة أن يعالج كميات كبيرة من البيانات ويمثلها على الخريطة بالشكل الذي تسمح للملاحظ المدرب أن يحصل منها على استنتاجات مهمة ، كما ان وضع البيانات في جداول يمكن معها معالجة هذه البيانات كمياً بسهولة . والتفسير الخريطة الصناعية لابد من معرفة : أسس تقنيات الصناعة موضوع الدراسة ، والخصائص الاقتصادية لهذه الصناعة ( بنية الكلفة وحالة التسويق والمتطلبات من القوى العاملة » ، والدور التاريخي المط توزيع الصناعية ومن الأمور الأساسية في دراسة جغرافية الصناعة الاهتمام بموقع الصناعة ، إذ يتطلب ذلك معرفة طبيعة الموقع الذي نتجه اليه الصناعة . فقد يكول توجهها نحو الموقع الذي تتوافر فيه المواد الخام أو مصادر الطاقة أو السوق أو الأيدي العاملة أو رأس المال . ۱۳۱ وقد وضعت نظريات عديدة التفسير تحديد الموقع على هذا الأساس ، ساعدت هذه النظريات والنماذج واستعمال التقنيات الكمية على تفسير هذه المواقع للصناعة والتخطيط مواقع جديدة لها 

جغرافية النقل والمواصلات

 إن جغرافية النقل حقل جديد من حقول الجغرافية الاقتصادية ، الذي يضم الى جانبها عدة حقول منها حقل جغرافية الزراعة وحقل جغرافية الصناعة وحفل جغرافية التجارة - وجغرافية النقل تدرس ظواهر النقل من وجهة نظر مكانية ، أن تدرسها كناحية من نواحي تنقلب المكان . وهي تركز على البنية المكتبية التي تشكلها ضروب النقل ، وعلى محاولة فهم العمليات التي أوجدتها للجغرافيت م نهجهم الخاص في دراسة جغرافية النقل والمواصلات سواء منها لعلم النقل وعناصرها البنيوية كالبور وما يرتبط بها من طرق ، التي يهتمون بها أيضا من حيث النظام الذي تجده في امتداداتها ، والعمليات المكانية التي ترتبط بتطور نظم النقل ، والتقنيات التي يستعملها الجغرافيون التحليل هذه النظم ، كالنماذج ومثالها النموذج الجاذبية الذي استعمل في تحديد قوة كل مركز في جذب الفعاليات والسكان ومدى انتشارهما ، والطرق النظرية والبيانية التقدير سهولة الوصول لكل من البؤر ضمن شبكة طرق النقل ، وعند تنظيم شبكة النقل لابد ان يؤخذ بالحسبان تحقيقها لأقل كلفة للنقل - إن جغرافية النقل تهتم بما يأتي : 1- الروابط أي خطوط النقل ، والتدفقات أي حركة حمولة وسائط النقل على هذه الخطوط وحجمها واتجاه حركتها ، وهذه تشكل بنية شبكة النقل .



الاهتمام بدراسات الجغرافية البشرية
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-