طبيعة الجغرافية

طبيعة الجغرافية


 إن طبيعة الجغرافية متغيرة ، وكان ابرز تغيير هو الذي حصل في النصف الثاني من القرن العشرين ، وقد تضمن هذا التغيير كل من المحتوى والموضوع والهدف والطريقة والمنهج والتقنية ، وحتى المعايير العلمية المستخدمة في التحليل والتقويم والأدوات التي يستخدمها في هذه المعايير ، وقد ساعد على هذا التغير المبتكرات التكنولوجية كالحاسوب ، وما يرتبط بها من نظم كنظم المعلومات الجغرافية ، واستقلاليته في الحصول على البيانات كاستعمال الاستشعار عن بعد . ويمكن إدراك طبيعة الجغرافية من خلال تعرفنا على المفاهيم التي تكشف هذه الطبيعة ومنها : 
 

التباين المكاني 

إن سطح الأرض هو ميدان دراسة الجغرافية لانها تدرس التباين المكاني للظواهر الطبيعية والبشرية وان اساس وجود علم الجغرافية هو التباين المكاني وبدونه لا يمكن ان يكون معنى لدراسة الجغرافية ، لأن توزيع الظواهر الجغرافية الطبيعية منها والبشرية لايكون متجانسا اي متشابها على جميع انحاء سطح الارض فهنالك الجبال والهضاب والسهول والوديان والغابات والانهار والثلوج وحتى تلك الظواهر لاتكون متجانسة . هي الاخرى فيما بينها فالجبال على سبيل المثال تتباين في ارتفاعاتها والمساحة التي تشغلها بين منطقة واخرى والنبات الطبيعي لا يكون متشابهاً فهنالك مناطق تغطيها الحشائش وأخر تغطيها الغابات واخرى النباتات الصحراوية ،  ولا يقتصر الأمر على الظواهر الطبيعية بل ان هنالك تباينا مكانيا في الظواهر البشرية على سطح الارض كاختلاف اعداد السكان ومعدلات النمو والهجرة واللغة والدين والجنس وغيرها من المتغيرات الاخرى .


يمكن الجغرافي من تقسيم سطح الأرض إلى أقاليم جديدة والكشف عن المناطق المتجانسة فيما بينها ، فعلى سبيل المثال عند تقسيمنا لمظاهر سطح العراق تجد أن الجبال تتركز في الأقسام الشمالية الشرقية والهضبة في الأقسام الغربية والسهل الرسوبي في الأقسام الوسطى والجنوبية منه ، وبالإمكان تمثيلها في خرائط توزيعية لكي يتم تحليلها ورسم حدودها بدقة . 


العلاقات المكانية

 إن وجود المكان الجغرافي يسبق الأشياء الموجودة فيه وله خصائصه مهما كانت طبيعة الأشياء التي يحتوي عليها ، فالمكان أو المساحة التي تقوم عليها العلاقة بين الإنسان وبيئته الطبيعية تنمو وتتطور باستمرار مع مرور الزمان ، فالجغرافية ليست علماً للظواهر بل علم العلامات التي تربط هذه الظواهر ، فالجغرافية لا تدرس الظواهر لذاتها وإنما تدرسها من حيث علاقتها بالإنسان ومدى استجابة النشاطات البشرية لها وكذلك إن دراسة النشاط البشري لا تتم دون معرفة البيئة الطبيعية .

التواطن 

إن الجغرافية تدرس الأرض موطنا للإنسان ، ومفهوم الموطن هذا يحدد مضمون الجغرافية ، فهي تدرس الأرض كبيئة طبيعية للإنسان إذ تتألف هذه البيئة من أربعة أغلفة تحيط بالأرض ، هي الغلاف الصخري الذي يظهر على شكل يابسة ، والغلاف الهيدرولوجي الذي يتمثل بالمياه بشكلها السائل والغازي ( بخار الماء ) والمتجمد ( الجليد ) ، والغلاف الحيوي الذي يتمثل بالنبات الطبيعي والحياة الحيوانية ، ومن دون هذه الأغلفة لا يمكن للإنسان ان يتوطن في أي من أنحاء سطح الأرض . والعلاقة بين الإنسان وهذه البيئة تتغير باستمرار إلا ان أعظم تغيير لهذه العلاقة حصل بعد التقدم الصناعي والتكنولوجي ، إذ لم يعد ينظر إلى البيئة على أنها شيء يتصف بالثبات ولا يمكن تغييره ، أي ان لها حواجز لا يمكن تخطيها ، فقد أتاح هذا التقدم في مجالي الحضارة والتكنولوجيا للإنسان القدرة على هذا التغيير إلى حد أصبح بمقدور الإنسان اليوم تغيير أي شي في الطبيعة يريد له ان يتغير ، مما يمكنه من التوطن في أي من أنحاء هذه البيئة حتى اصبح بإمكانه التوطن بإعداد كبيرة جدا تصل إلى عدد من ملايين الناس في مساحة صغيرة جدا من الأرض لا تزيد على عدد قليل من الكيلومترات المربعة كما هو الحال في المدن المليونية مثل بغداد وطوكيو ونيويورك . والتوطن ، يشكل أساس ، لم يعد قاصراً على مناطق معينة كأحواض الأنهـار ، وإنما امتد إلى مناطق كانت تعرف بضآلة سكانها وعدم استقرارهم ، وتتصف بكونها مناطق صحراوية ، كما هو الحال بالنسبة لسواحل الخليج العربي الغربية ، بل ان مناطق لا تبعد كثيرا عن الربع الخالي ظهرت فيها مدن تسكنها أعداد كبيرة نسبياً من السكان كمدينة العين في دولة الإمارات العربية المتحدة ، وقد ساعد على هذا التوطن التقدم الحضاري والتكنولوجي . 
وقد حول الإنسان مناطق بحرية إلى يابسة توطن فيها ، كما فعل الهولنديون الذين جففوا الجزء الأكبر من احد الخلجان التي كانت تطل عليها هولندا واستوطنوه . وقد لعب التقدم الحاصل في طرق المواصلات دورا في توطن مناطق جديدة ، إذ مكن هذا التقدم على سبيل المثال ، من ظهور مناطق صناعية وفرت لها طرق المواصلات وصول الوقود والمواد الأولية والحضارة مما ساعد على ظهور هذه المناطق الصناعية التي جلبت الكثير من السكان للعمل في مصانعها أو تقديم الخدمات لها كما هو الحال في العديد من اتجاه المناطق في الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية .

اهمية مفهوم التواطن

 وتظهر أهمية مفهوم التواطن في الجغرافية من  الجغرافية بالمناطق التي يستطيع الإنسان التوطن فيها  ويكون مفهوم التوطن أكثر تحديداً بالنسبة للكائنات الأخرى النباتية والحيوانية ، حيث يتوطن كل منها وحيث تؤلف أغلفة الأرض الثلاثة الغازية والهيدرولوجية واليابسة بيئة مثلى لتوطن كل منها من جهة ، وتكيفها للعيش في كل من هذه البيئات من جهة اخرى ، كالفيلة في المناطق المدارية وغزلان الرنة في المناطق القطبية والإبل في المناطق الصحراوية . ويتوطن الرز في المناطق المدارية الرطبة والزيتون في مناطق البحر المتوسط .

الانتشار

 ان اغلب الظواهر البشرية او الطبيعية لاتبقى ثابته في مكانها بل تتغيير باستمرار في كل مكان وزمان وقد يظهر الانتشار في المظاهر البشرية فتوزيع المستقرات البشرية من حيث اعدادها لا يبقى ثابتا بل يتغير باستمرار نتيجة لعوامل ومسببات عديدة كزيادة معدلات النمو او الهجرة او حدوث الاوبئة والامراض او الكوارث الطبيعية ، بعض الجغرافيين إلى تحديد ميدان الإقليمية ان فكرة الاقليم تنبثق من كون الظاهرة الجغرافية تختلف من مكان لاخر اي انها تقوم على مفهوم التباين المكاني لهذه الظواهر وقد يكون هذا التباين في المظاهر الطبيعية كطبيعية السطح او المناخ او النبات الطبيعي او في المظاهر البشرية كاللغة او الجنس او الدين ولابد من الاشارة الى ان هذه الظواهر سواء كانت طبيعة ام بشرية فانها ترتبط بفكرة المكان او المساحة فالامتداد المكاني شرط لازم لكل مايراد دراسته تحت تعريف الاقليم الذي يمكن تعريفة بانه مساحة معينة من الارض تتميز بخصائص طبيعية او بشرية تميزها عن المناطق الأخرى .


طبيعة الجغرافية
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-